تحذر مجموعة الأزمات الدولية من أنّ الضربات الإسرائيلية الواسعة على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، وردّ طهران الصاروخي اللاحق، يدفعان المنطقة نحو حرب مفتوحة بلا أفق. وتؤكد أن تجنب الهاوية يتوقف إلى حدّ كبير على الخطوات المقبلة التي يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
مع ساعات الفجر يوم 13 يونيو، شنّت إسرائيل عملية "الأسد الصاعد"، مستهدفة مواقع نووية وعسكرية إيرانية، وعلماء ومسؤولين كبار. الهجوم جاء قبيل استئناف المحادثات النووية بين واشنطن وطهران. وردّت إيران بإطلاق طائرات مسيّرة وصواريخ باليستية نحو إسرائيل، التي تعتمد جزئياً على الدعم الدفاعي الأميركي. ومع غياب وضوح في أهداف الطرفين، تبدو وتيرة التصعيد مرشحة للاستمرار، ما لم يتدخل ترامب لاحتوائها.
تصاعد التوتر المباشر بين طهران وتل أبيب خلال عام 2024، عندما تبادل الطرفان القصف مرتين في أبريل وأكتوبر، وخرج الصراع من السرية إلى المواجهة العلنية. ورغم مساعي إدارة ترامب لإحياء الاتفاق النووي، رأت الحكومة الإسرائيلية الفرصة سانحة لتوجيه ضربة، خصوصاً مع تسارع تخصيب اليورانيوم قرب مستوى تصنيع السلاح، وتراجع قدرات حلفاء طهران، لا سيما "حزب الله" الذي تلقّى ضربة موجعة في خريف 2024.
أشركت إسرائيل في الضربة نحو 200 طائرة استهدفت 100 موقع، من منشآت نووية وقواعد عسكرية إلى منازل شخصيات بارزة. ونفّذ "الموساد" هجمات من داخل الأراضي الإيرانية. واغتالت إسرائيل قيادات بارزة، بينها قادة الحرس الثوري، وقادة القوات الجوية والقدس، والمستشار الأمني السابق، إضافة إلى علماء نوويين. وأقرت طهران بسقوط نحو 80 قتيلاً و300 جريح في 13 محافظة.
توعد القادة الإيرانيون بردّ ساحق، معتبرين أن الهجوم يهدف إلى زعزعة النظام، لا فقط تقييد برنامجه النووي. وقد يلجأون إلى استهداف مصالح حيوية كالممرات المائية والبنى التحتية، أو توسيع نطاق الضربات. أي تصعيد إضافي قد يجرّ الولايات المتحدة، وحلفاءها، إلى صراع إقليمي متسارع.
تبدو تصريحات إدارة ترامب متضاربة. فقد أعلن الرئيس أنه عارض الفكرة تحسباً لتأثيرها على محادثات 15 يونيو. ثم سارع إلى التنصل من العملية، مشدداً على أنها قرار إسرائيلي أحادي. ومع ذلك، نشر لاحقاً عبر وسائل التواصل تصريحات تناقض هذا الموقف، مهدّداً إيران بضربات "أكثر قسوة"، ومؤكداً استمرار الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل. هذا التناقض يترك انطباعاً في طهران بأن ترامب أعطى الضوء الأخضر للهجوم.
يحذر التقرير من أن الضربات الإسرائيلية قد تؤخر البرنامج النووي الإيراني عاماً واحداً فقط، بحسب تقديرات الاستخبارات الأميركية. ورغم مقتل علماء بارزين، اكتسبت طهران المعرفة التقنية اللازمة لإعادة بناء قدراتها، وقد تندفع نحو تصنيع قنبلة نووية كخيار وحيد للحماية من الهجمات.
في ولايته الأولى، انسحب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، وتبنّى سياسة "الضغط الأقصى". وعند عودته للرئاسة، مزج بين التشدد والدبلوماسية، فأوقف القصف ضد الحوثيين، وطرح تخفيف العقوبات عن سوريا، وسعى لإنجاز اتفاق جديد مع إيران، رغم الانتقادات. وهذا التوازن يحسب له، لكنه الآن مهدد بالانهيار إن لم يتخذ موقفاً حاسماً.
تدعو مجموعة الأزمات الدولية ترامب إلى اعتماد نهج مزدوج: أولاً، الضغط على إسرائيل لوقف التصعيد، ولو عبر التهديد بوقف تزويدها بالأسلحة الهجومية؛ وثانياً، طرح صفقة واقعية على طهران تتضمن تخفيف العقوبات مقابل ضبط البرنامج النووي. هذا المسار يتطلب شجاعة سياسية ومواجهة معارضين في واشنطن، لكنه أفضل بكثير من التورط في حرب كارثية.
من بين الصراعات التي وعد ترامب بحلّها—غزة، أوكرانيا، إيران—يبدو أن إيران وحدها تبدي استعداداً للاتفاق. فإذا فشل في وقف هذه المواجهة، فإن انزلاق الولايات المتحدة إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط قد يكون العامل الأهم الذي يطبع إرثه الرئاسي.
https://www.crisisgroup.org/middle-east-north-africa/gulf-and-arabian-peninsula/iran-israelpalestine-united-states/getting-israel-and-iran-hold-their-fire